في إطار تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الجزائر والصين، التي تربطهما علاقات اقتصادية وسياسية متنامية منذ عقود. تبرز مشاريع البنى التحتية والاستثمارات المشتركة كرافعة أساسية لتطوير هذه الشراكة. حيث توجّه بكين جزءًا كبيرًا من استثماراتها الخارجية نحو دعم مشاريع تنموية كبرى في الجزائر. بدءًا من النقل والطاقة وصولًا إلى التكنولوجيا والصناعة، في إطار مبادرة “الحزام والطريق” التي تتبناها الصين لتعزيز ارتباطها الاقتصادي مع أفريقيا والعالم.
من جهتها، تسعى الجزائر إلى استغلال هذه الشراكات لتعزيز قدراتها التنموية، عبر جذب التكنولوجيا الصينية المتقدمة وخلق فرص عمل جديدة. في وقت تولي فيه الحكومة أولوية قصوى لتحديث البنى التحتية الوطنية، مثل شبكات السكك الحديدية والموانئ الكبرى كـميناء الشلف وميناء الحمدانية، والتي تُعتبر نقاط ارتكاز في الخريطة اللوجستية الإقليمية.
هذا التعاون المكثّف تجسّد مؤخرًا في توقيع اتفاقيات جديدة خلال الزيارة الرسمية الرفيعة المستوى لوفد صيني إلى الجزائر مطلع 2023. حيث أعلن عن ضخ استثمارات مشتركة تتجاوز 5 مليارات دولار في قطاعات الطاقة المتجددة والصناعات التحويلية، إلى جانب تطوير المناطق الاقتصادية الخاصة. وتُشير البيانات الرسمية إلى أن الصين تحتل المرتبة الأولى في قائمة المستثمرين الأجانب في الجزائر، مع وجود أكثر من 300 شركة صينية عاملة في السوق المحلية.
في المقابل، تعبّر الجزائر عن طموحها لتحويل هذه الشراكات إلى فرص تصديرية نحو الأسواق الأفريقية والأوروبية، مستفيدةً من الموقع الجغرافي الاستراتيجي. كما تركّز الجانبين على نقل الخبرات وتدريب الكوادر الجزائرية، في نموذج تعاون يوازن بين المصالح الاقتصادية والأهداف التنموية طويلة الأمد. مما يجعله أنموذجًا يُحتذى به في العلاقات الجنوب-جنوب. حسب الخبراء.
وفي هذا السياق، استقبل الوزير الأول، نذير العرباوي، الأحد، بقصر الحكومة، سفير الصين بالجزائر، دونغ غوانغلي، حيث بحث الطرفان سبل تعزيز التعاون الثنائي.
وخلال المحادثات، ناقش الجانبان آفاق تطوير الشراكة الاقتصادية، مع التركيز على مجالات البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية. إلى جانب توسيع الاستثمارات وتنويعها بما يحقق المصالح المشتركة. كما تطرقا إلى سبل تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، لاسيما تلك التي تمخضت عن زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون إلى الصين منتصف عام 2023. والتي أسفرت عن توقيع العديد من الاتفاقيات لتعزيز التعاون في مختلف القطاعات.
ويذكر أن الرئيس تبون كان قد أجرى زيارة إلى الصين منتصف عام 2023، حيث تم التوقيع على عدة اتفاقيات لتعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
وفي سياق الشراكة الاقتصادية، شهد منتدى رجال الأعمال الجزائري-الصيني، المنعقد بوهران في سبتمبر 2023، توقيع أكثر من 15 اتفاقية شراكة.
وشملت هذه الاتفاقيات قطاعات البناء، الاتصالات، المناولة، الكهرباء، والصناعات الصيدلانية والتحويلية، ما يعكس التقدم في التعاون الاقتصادي بين البلدين.
كما و شكل اللقاء مناسبة للإشادة بالزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية بين الجزائر وبكين. حيث أكد الطرفان على الإرادة المشتركة لدفع التعاون نحو مستويات أعلى، بما يعكس التوجهات الاستراتيجية للبلدين.
يذكر أن التعاون الاقتصادي بين الجزائر والصين شهد خلال الفترة الأخيرة تطورًا ملحوظًا، خاصة عقب انعقاد منتدى رجال الأعمال الجزائري-الصيني في وهران خلال سبتمبر 2023. والذي أفضى إلى توقيع أكثر من 15 اتفاقية شراكة. وقد شملت هذه الاتفاقيات قطاعات حيوية على غرار البناء، الاتصالات، المناولة، الكهرباء، والصناعات الصيدلانية والتحويلية. ما يعكس الديناميكية المتزايدة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
ويأتي هذا اللقاء في إطار تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الجزائر والصين. وترجمة الالتزامات الثنائية إلى مشاريع ملموسة تدعم التنمية الاقتصادية وتسهم في تحقيق المصالح المشتركة
تعاون جديد في قطاع المحروقات
وقبل أيام، وقّعت شركة “سوناطراك” وشريكها الصيني “سينوبك” (الشركة القابضة الدولية المحدودة للاستثمار) عقدًا جديدًا للمحروقات.
ويأتي هذا التوقيع تتويجًا لمفاوضات جرت في إطار بروتوكول الاتفاق المبرم بين الشركتين العام الماضي، حيث تلتزم “سوناطراك” و”سينوبك” من خلال هذا العقد بتنفيذ برنامج أعمال أولي للبحث والتقييم بهدف تثمين وتطوير المحروقات في محيط حاسي بركان الشمالي، الواقع بين ولايتي ورقلة والمنيعة وعلى بُعد 80 كلم من حاسي مسعود.
وتقدر قيمة الاستثمارات المخصصة لتنفيذ برنامج الاستكشاف والتطوير في هذه الرقعة تُقدَّر بحوالي 850 مليون دولار أمريكي، مما يعكس التزام الشركتين بتعزيز الإنتاج الطاقوي في الجزائر، حسب بيان “سوناطراك”.